لطيف علم الله تعالى
قال الله تعالى : ((يا بُنيّ إنها إنْ تَكُ مِثقالَ حبةٍ من خَردلٍ فَتَكُنْ في صخرةٍ أو في السمواتِ أو في الأرض يأتِ بها اللهُ إنّ اللهَ لطيفٌ خبيرٌ )) ، لقمان : 16 .
هذه موعظة بليغة ، وكلمات جامعة ، وأسلوب بديع ذكره ربّنا – سبحانه – على لسان لقمان الحكيم وهو يُؤدّب ابنه ، مبيناً له سَعة علم الله - عزّ وجَلّ - وإحاطته بجميع الأشياء صغيرها ، وكبيرها ، ودقيقها ، وجليلها ، وأن الله - تبارك اسمه ، وتعالى جَدّه - مُطّلعٌ على دقائق الأمور كلها لا تخفى عليه خافية ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء . فلو أنَّ الحسنات ، والسيئات كانت مثل حبة خردل متناهية في الصغر ، وكانت في بطن صخرة صماء ، أو كانت في أرجاء السموات ، أو في أطراف الأرض لعلم مكانها وأتى بها - سبحانه وتعالى - فهو لَطِيف بِاسْتِخْرَاجِهَا خَبِير بِمُسْتَقَرّهَا ، فلا إله إلا الله الذي أحاط علمه بكل شيء ، يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ، ويرى مخ ساقها وجريان الدم في عروقها ؛ فأين يختبئ منه العاصي إذا أراد أن يعصيه ؟
والمسلم إذا تدبّر هذه الآية ، واستشعر معانيها ؛ فإنّه يوقن أنّ الله يراه ويراقبه في كل حين ، فتعظم المراقبة في نفسه ، ويجعل خشية الله في قلبه ، فلا يجرؤ على عصيان مولاه الذي يراه ، ولسان حاله يقول :
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة ...... والنفس داعية إلى العصيان
فاخشَ من نظر الإله وقل لها ...... إنّ الذي خلق الظلام يراني
اللهمّ ارزقنا خشيتك في السرّ والعلن ، واسترنا ولا تفضحنا ، وعاملنا بما أنت أهله ؛ فأنتَ – سبحانك – أهل التقوى ، وأهل المغفرة .
شادي السيّد
للامانه منقول من موقع صيد الفوائد